الشهادة العكسية
لطلال الأنصارى
أحد المتهمين المحكوم عليهم بالاعدام فى الفنية العسكرية
تمت هذه الشهادة فى مقابلة شخصية بين المحرر الصحفي وطلال الأنصارى فى مكتبه بالأسكندرية وكان نص الشهادة كالتالى :
"بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله..
أنا طلال محمد عبد المنعم الأنصارى – المحامى
وأبلغ من العمر الآن – وقت تسجيل هذه الشهادة التاريخية 54 عاماً وعندى خمسة أطفال، وقد استجبت لطلب كل من الأخويين العزيزيين الأستاذ مختار نوح المحامى المعروف وكاتب هذه الموسوعة، والأستاذ محمد حسين بكر على أبوهميلة ، الشهير بـ محمد على الصحفى بجريدة صوت الأمة والمشارك فى إعداد هذه الموسوعه للإدلاء بشهادتى فيما يخص قضية الفنية العسكرية عام 1974، وإحب ان اقول أن كل ما يربطنى بأحداث تاريخية هامة حدثت منذ ثلث قرن تقريباً هى ذكريات ومشاعر عاطفية لا زالت فى القلب حتى الان، الى جانب كونها شهادة للتاريخ منى بصفتى أحد المشاركين فى وقوعها وذلك خدمة للتاريخ والأجيال المقبلة.
واذا تحدثت عن قضية الفنية العسكرية عام 1974 فلابد من استدعاء الأحداث والمناخ السياسى الذى كانت عليه مصر فى هذه الفترة، وهى فترة ما بعد عام 1967 – عام النكسه الناصرية فالمؤرخون والكتاب فى العصر الحديث يؤرخون لخمس نكبات تعرضت لها الامة فى العصر الحديث، كلها أدت بالمسلمين الى ما نحن فيه الآن.. أولها كان ضياع الأندلس منذ ما يقرب من خمسمائه عام وما صاحبها من تداعيات وعداوة أوروبا للمسلمين حتى الان، وثانيها هى سقوط الخلافة الاسلامية فى تركيا على يد كمال الدين أتاتورك عام 1924 وما صاحبها من مآسى للامة، والثالثة هى ضياع اكثر من نصف فلسطين عام 1948 وسقوطها فى يد اليهود، والرابعة نكسة 67 حيث ضاع ما تبقى من فلسطين، أما الخامسة والتى اتمنى من الله آن تكون الاخيرة – فهى سقوط بغداد فى يد الامريكان. كان تأثير النكسة فى 1967 شديداً ورهيبا على الشعب المصرى حتى اننى قابلت داخل السجن الطبيب الخاص للرئيس الراحل جمال عبد الناصر الدكتور على العطفى الذى كان متهماً بتهمتين الأولى التخابر مع امريكا والثانية التى كتب فيها الكاتب الصحفى عادل حمودة كتابا بأكمله" من قتل عبد الناصر " وكانت استخدامه لدهان سام للقتل البطن لعبد الناصر وانا اعتقد فى براءته من هذه التهمة الباطلة، وقد سالته: متى اصيب عبد الناصر بالذبحة ؟وكنت اتوقع ان تكون الاصابة قد حدثت فى عام النكسه من هول الصدمة أو بسبب انفصال مصر عن سوريا عام 1962 أو بسبب ما حاق بقواتنا المسلحة من خسائر فى اليمن، ولكنه فاجأنى أن كل هذه المصائب لم تؤثر فى عبد الناصر ولكن الذى أصابه بالذبحة كانت التقارير التى وصلته عن هتاف طلبة جامعة الاسكندرية ضده وعلى رأسهم طلبة كلية الاهندسة عام 1968، (ا يسقط عبد الناصر) كان ذلك هو أول رد فعل حقيقى على هزيمة 67،أان أفاقت الامة من غفوتها وايقنت ان الشعارات الناصرية كانت غير أمينة وكان من الطبيعى ن يتجه فكر الناس ووجدانهم الى البحث عن طوق النجاة، وكان ذلك الطوق هل الحل الاسلامى او الاسلام شكل عام، وحدث تعلق وارتباط من الناس بكل ما هو اسلامى.
اضف الى ذلك ظهور حركة رفض للامة كلها للأوضاع وقتها، حدث هذا الرفض على يد الحركة الطلابية بجامعات مصر، وخاصة جامعة الاسكندرية، حيث تشكلت تجمعات طلابية تنتقد من خلال مؤتمراتها ومجلاتها الأوضاع فى المجتمع المصرى وخاصة الاحكام التى أعقبت هزيمة 67 وحملتها على شماعة تقصير ضباط الطيران.. هذه الحركة الطلابية انتشرت فى كل ربوع مصر، أيضا وجود القوات الاسرائيلية على ضفة القناة كانت تستفز كل مشاعر المسلمين والمصريين وتجسد هذا الاستفزاز فى قيام حرب الاستفزاز.. واستمرت بمصاحبة حدوث نهضة فى المساجد وخاصة فى الاسكندرية.
شهدت الاسكندرية فى هذا التوقيت صحوة إسلامية على يد مجموعة من العلماء والمشايخ الذين استنهضوا همة الامة الاسلامية، وفى مقدمتهم الشيخ محمود عيد إمام المجاهدين فى العصر الحديث والذى يعيش الان فى الكويت، وقد شارف على التسعين عاماً وكان إمام مسجد السلام بحى ستانلى، وكان هذا المسجد منبرا للمعارضة الحقيقية، وقد كان فى السابق إمام وخطيب مسجد غزة بفلسطين، وبعد سقوطها فى أيدى اليهود أجبروه على ترك فلسطين ، فجاء الى الاسكندرية مباشرة وعين اماما وخطيباً لمسجد السلام، وحوله الى قاعدة اسلاميه شعبية مناهضة لحكم عبد الناصر فتجمعنا حوله،أيضا كان الشيخ أحمد المحلاوى يستعد بصحوته بعد ظهور الشيخ عيد، وتجمع حوله مجموعة كبيرة من الشباب الغيور على مصر والاسلام كما كانت هناك جمعية أنصار السنة المحمدية التى قامت بدور حقيقى فى لافترة من عام 1966 الى عام 1975 حيث كانت هى النشاط الشرعى والرسمى داخل مصر، وعلى مستوى التيار الاسلامى كانت هى النشاط الدينى الوحيد المسموح به رسمياً، فكانت مساجد وزوايا أنصار السنة المحمدية بؤر رفض حقيقة لعبد الناصر، وكانت تمثل تغطية مؤقتة لغياب الجماعة الوحيدة المعبرة عن التيار الاسلامى آنذاك وهى جماعة "الاخوان المسلمين" وداخل مساجد انصار السنة وبعد الضربه القاصمة للاخوان المسلمين عام 1966 فى عهد عبد الناصر، ولدت بوادر الصحوة الاسلاميين من جديد.
لطلال الأنصارى
أحد المتهمين المحكوم عليهم بالاعدام فى الفنية العسكرية
تمت هذه الشهادة فى مقابلة شخصية بين المحرر الصحفي وطلال الأنصارى فى مكتبه بالأسكندرية وكان نص الشهادة كالتالى :
"بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله..
أنا طلال محمد عبد المنعم الأنصارى – المحامى
وأبلغ من العمر الآن – وقت تسجيل هذه الشهادة التاريخية 54 عاماً وعندى خمسة أطفال، وقد استجبت لطلب كل من الأخويين العزيزيين الأستاذ مختار نوح المحامى المعروف وكاتب هذه الموسوعة، والأستاذ محمد حسين بكر على أبوهميلة ، الشهير بـ محمد على الصحفى بجريدة صوت الأمة والمشارك فى إعداد هذه الموسوعه للإدلاء بشهادتى فيما يخص قضية الفنية العسكرية عام 1974، وإحب ان اقول أن كل ما يربطنى بأحداث تاريخية هامة حدثت منذ ثلث قرن تقريباً هى ذكريات ومشاعر عاطفية لا زالت فى القلب حتى الان، الى جانب كونها شهادة للتاريخ منى بصفتى أحد المشاركين فى وقوعها وذلك خدمة للتاريخ والأجيال المقبلة.
واذا تحدثت عن قضية الفنية العسكرية عام 1974 فلابد من استدعاء الأحداث والمناخ السياسى الذى كانت عليه مصر فى هذه الفترة، وهى فترة ما بعد عام 1967 – عام النكسه الناصرية فالمؤرخون والكتاب فى العصر الحديث يؤرخون لخمس نكبات تعرضت لها الامة فى العصر الحديث، كلها أدت بالمسلمين الى ما نحن فيه الآن.. أولها كان ضياع الأندلس منذ ما يقرب من خمسمائه عام وما صاحبها من تداعيات وعداوة أوروبا للمسلمين حتى الان، وثانيها هى سقوط الخلافة الاسلامية فى تركيا على يد كمال الدين أتاتورك عام 1924 وما صاحبها من مآسى للامة، والثالثة هى ضياع اكثر من نصف فلسطين عام 1948 وسقوطها فى يد اليهود، والرابعة نكسة 67 حيث ضاع ما تبقى من فلسطين، أما الخامسة والتى اتمنى من الله آن تكون الاخيرة – فهى سقوط بغداد فى يد الامريكان. كان تأثير النكسة فى 1967 شديداً ورهيبا على الشعب المصرى حتى اننى قابلت داخل السجن الطبيب الخاص للرئيس الراحل جمال عبد الناصر الدكتور على العطفى الذى كان متهماً بتهمتين الأولى التخابر مع امريكا والثانية التى كتب فيها الكاتب الصحفى عادل حمودة كتابا بأكمله" من قتل عبد الناصر " وكانت استخدامه لدهان سام للقتل البطن لعبد الناصر وانا اعتقد فى براءته من هذه التهمة الباطلة، وقد سالته: متى اصيب عبد الناصر بالذبحة ؟وكنت اتوقع ان تكون الاصابة قد حدثت فى عام النكسه من هول الصدمة أو بسبب انفصال مصر عن سوريا عام 1962 أو بسبب ما حاق بقواتنا المسلحة من خسائر فى اليمن، ولكنه فاجأنى أن كل هذه المصائب لم تؤثر فى عبد الناصر ولكن الذى أصابه بالذبحة كانت التقارير التى وصلته عن هتاف طلبة جامعة الاسكندرية ضده وعلى رأسهم طلبة كلية الاهندسة عام 1968، (ا يسقط عبد الناصر) كان ذلك هو أول رد فعل حقيقى على هزيمة 67،أان أفاقت الامة من غفوتها وايقنت ان الشعارات الناصرية كانت غير أمينة وكان من الطبيعى ن يتجه فكر الناس ووجدانهم الى البحث عن طوق النجاة، وكان ذلك الطوق هل الحل الاسلامى او الاسلام شكل عام، وحدث تعلق وارتباط من الناس بكل ما هو اسلامى.
اضف الى ذلك ظهور حركة رفض للامة كلها للأوضاع وقتها، حدث هذا الرفض على يد الحركة الطلابية بجامعات مصر، وخاصة جامعة الاسكندرية، حيث تشكلت تجمعات طلابية تنتقد من خلال مؤتمراتها ومجلاتها الأوضاع فى المجتمع المصرى وخاصة الاحكام التى أعقبت هزيمة 67 وحملتها على شماعة تقصير ضباط الطيران.. هذه الحركة الطلابية انتشرت فى كل ربوع مصر، أيضا وجود القوات الاسرائيلية على ضفة القناة كانت تستفز كل مشاعر المسلمين والمصريين وتجسد هذا الاستفزاز فى قيام حرب الاستفزاز.. واستمرت بمصاحبة حدوث نهضة فى المساجد وخاصة فى الاسكندرية.
شهدت الاسكندرية فى هذا التوقيت صحوة إسلامية على يد مجموعة من العلماء والمشايخ الذين استنهضوا همة الامة الاسلامية، وفى مقدمتهم الشيخ محمود عيد إمام المجاهدين فى العصر الحديث والذى يعيش الان فى الكويت، وقد شارف على التسعين عاماً وكان إمام مسجد السلام بحى ستانلى، وكان هذا المسجد منبرا للمعارضة الحقيقية، وقد كان فى السابق إمام وخطيب مسجد غزة بفلسطين، وبعد سقوطها فى أيدى اليهود أجبروه على ترك فلسطين ، فجاء الى الاسكندرية مباشرة وعين اماما وخطيباً لمسجد السلام، وحوله الى قاعدة اسلاميه شعبية مناهضة لحكم عبد الناصر فتجمعنا حوله،أيضا كان الشيخ أحمد المحلاوى يستعد بصحوته بعد ظهور الشيخ عيد، وتجمع حوله مجموعة كبيرة من الشباب الغيور على مصر والاسلام كما كانت هناك جمعية أنصار السنة المحمدية التى قامت بدور حقيقى فى لافترة من عام 1966 الى عام 1975 حيث كانت هى النشاط الشرعى والرسمى داخل مصر، وعلى مستوى التيار الاسلامى كانت هى النشاط الدينى الوحيد المسموح به رسمياً، فكانت مساجد وزوايا أنصار السنة المحمدية بؤر رفض حقيقة لعبد الناصر، وكانت تمثل تغطية مؤقتة لغياب الجماعة الوحيدة المعبرة عن التيار الاسلامى آنذاك وهى جماعة "الاخوان المسلمين" وداخل مساجد انصار السنة وبعد الضربه القاصمة للاخوان المسلمين عام 1966 فى عهد عبد الناصر، ولدت بوادر الصحوة الاسلاميين من جديد.