فارق كبير بين ماهو حق ، وبين ما تعتقد أنه حق ، فالحق المطلق الدائم الذى لا يتغير هو الله عز وجل ، وكلامه المنزل الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه .. أما ما نقوله نحن ، فنعتقد أنه حق ، وليس حقا مطلقا ، قاعدة بسيطة واقعية منطقية ، يجب أن يعقلها كل إنسان ، وكل ناطق ببيان ، فكلنا نسعى للحق ، ولكن لا نمتلكه ، كلنا نطلب الحق ، ولكن لا يجب أن ننتزعه عنوة . فما الرأى فيمن يغفل هذا بقصد أو عن غير قصد
أعتقد أن مثل هذه القاعدة البسيطة ، هى جواب لكل المغالطات على الساحة الفقهية ، والتى اختلطت بالساحة السياسية ، فأصبحنا اليوم نخاطب السياسيين بلغة الفقهاء ، فنقول لهم هذا حلال وهذا حرام ، وأصبح من دخلوا باب الدين بالأمس يتنازلون عنه عندما لمع بريق المنصب أمامهم ، فنسوا حظا مما ذكروا به ، والضحية فى كل هذا هم البسطاء الذين أحسنوا الظن بالأمس بهم ، ولم يظنوا أنهم متقلبون مع كل موجة ، مندفعون وراء كل باب ، أكالون على كل مائدة ، لاهثون وراء كل باب .
كذلك التلاعب بالألفاظ والجدل الذى يقلب الحق باطلا والباطل حقا ، كل هذا مما يفسد الأمر ويصعبه على الكثيرين ، ومن هذه المجادلات ما صنعه الإخوان فى خلط الأمور على الناس ، وهى مهنة المجادل الذى يهرب من الحق ، ولا ندرى لماذا يهرب من الحق ، ولماذا يكتم موقفه صراحة حتى اليوم ؟ أليس لديه قناعة بموقفه ، أم أن وراء الأكمة ما وراءها ؟ فثمة فارق بين العمل المجتمعى والدعوى ، والعمل السياسي ، وهذا ما تكتمه الجماعة دائما ، إذ أن عملها الدعوى الجماعى هو صورة لكسب التعاطف وجمع الأموال ، واللعب على مشاعر الناس ، وما يترتب بعد ذلك على هذا الفكر هو عمل ليس وطنيا بالمعنى المطروح من الأحزاب السياسية ، ولكنه عمل يحمل ملامح التراث القديم من مصطلحات لم تتطور مع الزمن التطور الطبيعى له ، فهى ترمى للخلافة ، وليس للدولة بالمعنى المعاصر
نحن هنا لا نفضل شكلا على شكل ، ولا نظاما على نظام ، ولكننا نقول إن الفكر الإسلامى القديم الذى هو منبع التأصيل لدى الراديكاليين الإسلاميين توقف عند عصر الخلافة ، ونسى ما حدث من تطور فى الجغرافيا الحديثة التى حولت المجتمعات من عصر الخلافة إلى عصر الدول ، كما تحول المجتمع فى السابق من القبيلة للدولة ثم للخلافة ، وهو التطور المعاصر للزمن ، وليس خاصا بالفكر الإسلامى وحده ، حيث وجدت الامبراطوريات الرومانية والفارسية وغيرهما ، وبدلا من تطوير الفكر السياسى الإسلامى الحديث ، وجدنا عجزا تأصيليا موازيا لهذا الفكر ، وقامت الدعوة الحالية على تأسيس الخلافة الإسلامية على أساس العودة للتاريخ الإسلامى السالف ، وإذا سألت أحدا من العامة قال إنها دعوة عظيمة ، وهدف نبيل وراح ببساطة العربى الذى تعود على الحفظ والتلقين طول حياته مدافعا عنها ، والأمر غير ذلك ، لكن بريق الألفاظ يخطف العيون والقلوب ، والذى يستعصى على الفهم أن التاريخ تقدم بحيث تغيرت المفاهيم الساسية ، ولم يتواكب معها الفهم الفقهى للتيارات الإسلامية ، ففى الزمن القديم كانت الخلافة الإسلامية هى مصطلح فقهى يتساوى مع التشكيلات السياسية والتنظيمية القديمة من الامبراطوريات القديمة ، فكانت الخلافة كيان سياسي يواجه الكيانات المجاورة ، بجانب مجموعة كبيرة من المصطلحات الموازية ، أما وقد تغيرت المفاهيم ، وأصبحت الكيانات السياسية هى دول وليست امبراطوريات ، كان من الواجب على الفكر الفقهى المعاصر البحث عن تشكيل سياسي يواكب الجديد فى العصر السياسي بأشكاله ومصطلحاته ، ولكن الملاحظ أن الفكر الفقهى للتيارات الحالية توقف عند الماضى البعيد ، وكل ما تناوله هو فكر قديم ، متناسيا أو غافلا عن حقائق التطور العصرى ، مما يثبت أنه فكر لا يعاصر الأحداث ولا يملك تصورا للمستقبل
واستمرارا فى خط الفقر الفكرى المعاصر فى جزئياته وتفاصيله الخاصة بقضايا التعامل مع الحاكم والخروج عليه ، فكان المتفق عليه راديكاليا أن الخروج على الحاكم مفسدة عظيمة لما يجرى معه من فتن وقتل وغيره
وأخيرا اكتشف المسلمون المعاصرون أنهم يحملون أفكارا تختلف عن الفكر القديم ، فوجدوا أنه من الممكن الخروج على الحاكم بلا فتن ولا مفاسد ، فى إطار سلمى مسالم ، هذه المفاجأة جعلت التيارات الإسلامية مختلطة المفاهيم ؛ حيث كانت رافضة فى البداية لما لديها من الموروث القديم ، وأصبحت حائرة لما شاهدته من متغير حديث ، وللأسف لم تستفد من فهم هذا التغير ، وظلت مكانها لأنها لم تعد نفسها لهذا المتغير الجديد . وللأسف عندما شاركت شاركت بنفس الفكر القديم الذى لم يتطور ، مما أفسد الثورة وحملها بالأثقال فى عهدها الأول ، فكان هذا الفكر كمن وقع فى الطين وعندما نهض لم يهتم بتنظيف ملابسه ، بل انشغل بوضع الطيب على الطين
كثيرا ما قال الإخوان المسلمون إنهم لقوا التعذيب والامتهان فى السجون ، وقدموا ذلك قربانا للمجتمع ليؤكد أنه مشارك فى ثورته ، ولكن الخطأ أن الثورة ثورة مدنية تهدف لتأصيل الدولة ، وليس لعودة الخلافة ، من ثم وجب على الإخوان المصارحة أمام الجميع ، هل كانت تضحيتهم من أجل مصر ؟ أم من أجل الجماعة وفكرها ؟ فإن كانت تضحياتهم من أجل مصر ، فلم يصرون على وجود الجماعة ؟ ولماذا لا يسارعون الى التحول الحزبى السياسي الكامل ؟ وإن كانوا يضحون من أجل فكرهم الراديكالى القديم – وهذا هو الأصح – فتضحيات الإخوان لم تكن من أجل مصر ، بل من أجل الجماعة ، أقول : إن كان ذلك فلم لا يعلنون ذلك صراحة ولماذا أنشأوا حزبا سياسيا ؟ وهل هو تخبط فكرى لديهم أم تلاعب بالفكر وبمقدرات الشعب ، إنها المصارحة والمكاشفة التى نطلبها ، نطلب الاختيار ؛ إما الحرية والعدالة ، وإما الإخوان المسلمون ، ولا لحرية الإخوان وعدالة المسلمين معا ، وكفانا تخبطا ومكابرة
أعتقد أن مثل هذه القاعدة البسيطة ، هى جواب لكل المغالطات على الساحة الفقهية ، والتى اختلطت بالساحة السياسية ، فأصبحنا اليوم نخاطب السياسيين بلغة الفقهاء ، فنقول لهم هذا حلال وهذا حرام ، وأصبح من دخلوا باب الدين بالأمس يتنازلون عنه عندما لمع بريق المنصب أمامهم ، فنسوا حظا مما ذكروا به ، والضحية فى كل هذا هم البسطاء الذين أحسنوا الظن بالأمس بهم ، ولم يظنوا أنهم متقلبون مع كل موجة ، مندفعون وراء كل باب ، أكالون على كل مائدة ، لاهثون وراء كل باب .
كذلك التلاعب بالألفاظ والجدل الذى يقلب الحق باطلا والباطل حقا ، كل هذا مما يفسد الأمر ويصعبه على الكثيرين ، ومن هذه المجادلات ما صنعه الإخوان فى خلط الأمور على الناس ، وهى مهنة المجادل الذى يهرب من الحق ، ولا ندرى لماذا يهرب من الحق ، ولماذا يكتم موقفه صراحة حتى اليوم ؟ أليس لديه قناعة بموقفه ، أم أن وراء الأكمة ما وراءها ؟ فثمة فارق بين العمل المجتمعى والدعوى ، والعمل السياسي ، وهذا ما تكتمه الجماعة دائما ، إذ أن عملها الدعوى الجماعى هو صورة لكسب التعاطف وجمع الأموال ، واللعب على مشاعر الناس ، وما يترتب بعد ذلك على هذا الفكر هو عمل ليس وطنيا بالمعنى المطروح من الأحزاب السياسية ، ولكنه عمل يحمل ملامح التراث القديم من مصطلحات لم تتطور مع الزمن التطور الطبيعى له ، فهى ترمى للخلافة ، وليس للدولة بالمعنى المعاصر
نحن هنا لا نفضل شكلا على شكل ، ولا نظاما على نظام ، ولكننا نقول إن الفكر الإسلامى القديم الذى هو منبع التأصيل لدى الراديكاليين الإسلاميين توقف عند عصر الخلافة ، ونسى ما حدث من تطور فى الجغرافيا الحديثة التى حولت المجتمعات من عصر الخلافة إلى عصر الدول ، كما تحول المجتمع فى السابق من القبيلة للدولة ثم للخلافة ، وهو التطور المعاصر للزمن ، وليس خاصا بالفكر الإسلامى وحده ، حيث وجدت الامبراطوريات الرومانية والفارسية وغيرهما ، وبدلا من تطوير الفكر السياسى الإسلامى الحديث ، وجدنا عجزا تأصيليا موازيا لهذا الفكر ، وقامت الدعوة الحالية على تأسيس الخلافة الإسلامية على أساس العودة للتاريخ الإسلامى السالف ، وإذا سألت أحدا من العامة قال إنها دعوة عظيمة ، وهدف نبيل وراح ببساطة العربى الذى تعود على الحفظ والتلقين طول حياته مدافعا عنها ، والأمر غير ذلك ، لكن بريق الألفاظ يخطف العيون والقلوب ، والذى يستعصى على الفهم أن التاريخ تقدم بحيث تغيرت المفاهيم الساسية ، ولم يتواكب معها الفهم الفقهى للتيارات الإسلامية ، ففى الزمن القديم كانت الخلافة الإسلامية هى مصطلح فقهى يتساوى مع التشكيلات السياسية والتنظيمية القديمة من الامبراطوريات القديمة ، فكانت الخلافة كيان سياسي يواجه الكيانات المجاورة ، بجانب مجموعة كبيرة من المصطلحات الموازية ، أما وقد تغيرت المفاهيم ، وأصبحت الكيانات السياسية هى دول وليست امبراطوريات ، كان من الواجب على الفكر الفقهى المعاصر البحث عن تشكيل سياسي يواكب الجديد فى العصر السياسي بأشكاله ومصطلحاته ، ولكن الملاحظ أن الفكر الفقهى للتيارات الحالية توقف عند الماضى البعيد ، وكل ما تناوله هو فكر قديم ، متناسيا أو غافلا عن حقائق التطور العصرى ، مما يثبت أنه فكر لا يعاصر الأحداث ولا يملك تصورا للمستقبل
واستمرارا فى خط الفقر الفكرى المعاصر فى جزئياته وتفاصيله الخاصة بقضايا التعامل مع الحاكم والخروج عليه ، فكان المتفق عليه راديكاليا أن الخروج على الحاكم مفسدة عظيمة لما يجرى معه من فتن وقتل وغيره
وأخيرا اكتشف المسلمون المعاصرون أنهم يحملون أفكارا تختلف عن الفكر القديم ، فوجدوا أنه من الممكن الخروج على الحاكم بلا فتن ولا مفاسد ، فى إطار سلمى مسالم ، هذه المفاجأة جعلت التيارات الإسلامية مختلطة المفاهيم ؛ حيث كانت رافضة فى البداية لما لديها من الموروث القديم ، وأصبحت حائرة لما شاهدته من متغير حديث ، وللأسف لم تستفد من فهم هذا التغير ، وظلت مكانها لأنها لم تعد نفسها لهذا المتغير الجديد . وللأسف عندما شاركت شاركت بنفس الفكر القديم الذى لم يتطور ، مما أفسد الثورة وحملها بالأثقال فى عهدها الأول ، فكان هذا الفكر كمن وقع فى الطين وعندما نهض لم يهتم بتنظيف ملابسه ، بل انشغل بوضع الطيب على الطين
كثيرا ما قال الإخوان المسلمون إنهم لقوا التعذيب والامتهان فى السجون ، وقدموا ذلك قربانا للمجتمع ليؤكد أنه مشارك فى ثورته ، ولكن الخطأ أن الثورة ثورة مدنية تهدف لتأصيل الدولة ، وليس لعودة الخلافة ، من ثم وجب على الإخوان المصارحة أمام الجميع ، هل كانت تضحيتهم من أجل مصر ؟ أم من أجل الجماعة وفكرها ؟ فإن كانت تضحياتهم من أجل مصر ، فلم يصرون على وجود الجماعة ؟ ولماذا لا يسارعون الى التحول الحزبى السياسي الكامل ؟ وإن كانوا يضحون من أجل فكرهم الراديكالى القديم – وهذا هو الأصح – فتضحيات الإخوان لم تكن من أجل مصر ، بل من أجل الجماعة ، أقول : إن كان ذلك فلم لا يعلنون ذلك صراحة ولماذا أنشأوا حزبا سياسيا ؟ وهل هو تخبط فكرى لديهم أم تلاعب بالفكر وبمقدرات الشعب ، إنها المصارحة والمكاشفة التى نطلبها ، نطلب الاختيار ؛ إما الحرية والعدالة ، وإما الإخوان المسلمون ، ولا لحرية الإخوان وعدالة المسلمين معا ، وكفانا تخبطا ومكابرة